الجدل الذى دار فى الأيام الماضية فى الإعلام المصرى حول إباحة المخدرات لم ولن يكون مجرد «طق حنك» أو توك شو محلى ومسلٍ، بل الخطير والمدهش أنه سيكون موضوع نقاش أمام الأمم المتحدة فى العام القادم، ومن الممكن جداً أن ينتهى بضغط على الدول الأعضاء بإباحة المخدرات، بل بإشراف الحكومات على بيعها والاستفادة من عائدها المالى الرهيب!!، ماذا ستفعل مصر، وهل استعدت الجهات المعنية للرد، أم أننا كعادتنا المزمنة ننتظر الكارثة حتى تحدث ونتحرك بعد فوات الأوان؟!، هذا السؤال طرحه د. عبدالرحمن حماد، مدير وحدة طب الإدمان بمستشفى الصحة النفسية بالعباسية، من خلال تلك الرسالة المهمة، التى يقول فيها: تسود العالم الآن نظرة أقرب إلى التطرّف الشديد والتباين البعيد فى النظر إلى المدمن وإدمان المواد المخدرة، فمن نظرة بأنه مجرم ويجب سجنه ولا أمل فى علاجه، ونظرة أخرى تبالغ فى حريته لدرجة تسمح له بإيذائه لنفسه وللمجتمع بزعم حقه الإنسانى فى تعاطى المخدرات وحاجته للمخدرات لأسباب بيولوجية غير راجعة إليه، ويتناسى أن مشكلة الإدمان ليست بيولوجية فقط بقدر ما هى بيولوجية- نفسية/ اجتماعية- روحانية، وأن ٩٠٪ من المدمنين غير إشكاليين، حسب التقرير الصادر من لجنة السياسات بالأمم المتحدة، والذى بعنوان «التحكم بزمام الأمور»، والذى سيكون حجز الزاوية فى مناقشات الدورة الاستثنائية للأمم المتحدة ٢٠١٦، وأن ١٠٪ فقط إشكاليون، وهم الذين يأخذون المخدرات عن طريق الحقن. ويتناسى التقرير أو يتجاهل أن تعريف الإشكاليين أيضا الأشخاص الذين يأخذون المخدرات بشكل خطر أو الأشخاص الذين تسببت لهم المخدرات فى بعض الاضطرابات أو المشاكل المصاحبة، فلذا يجب الحد من مشكلة تعاطى المخدرات عن طريق الحقن، وذلك للحد من انتشار فيروس نقص المناعة والأمراض الأخرى المنقولة بالدم مثل فيروسى بى وسى. وكذلك مخاطر الجرعة الزائدة، وكأن الخطورة فقط فى فيروس نقص المناعة أو فيروسات الالتهاب الكبدى!، أليست المخدرات تهدد صحة الفرد العقلية والجسدية؟ أليست المخدرات تهدد إنتاجية الفرد وجودة الحياة؟ أليست المخدرات تهدد السلم والأمن الاجتماعى؟ أليست المخدرات مسؤولة بشكل أكبر عن زيادة عدد الجرائم كالسرقة والقتل والتحرش الجنسى والعنف الأسرى والمجتمعى؟ أليست المخدرات مسؤولة عن زيادة حوادث السيارات والقتل العمد والقتل الخطأ؟؟!! يدعو التقرير للحق الشخصى والحريّة فى تعاطى المخدرات ويتجاهل أن تكلفة المخدرات حول العالم حوالى ٥٠٠ مليار، يدخل معظمها فى عملية غسيل الأموال وتستفيد منها عصابات الإجرام المنظم، ويتساءل: فلماذا لا تستفيد منها الدول فى رفاهية الإنسان واستخدام عوائدها فى التنمية والإنفاق على الصحة، هذه رؤية التقرير (النظرة البراجماتية)، وبالمرة تضمن الدولة توفر مخدرات نظيفة أيضاً بدلاً من المخدرات التى تصنعها عصابات الإجرام المنظم ولا تتورع عن غشها وإضافة مواد شديدة الخطورة رغبة فى زيادة الربح الحرام، ورغم أن تقرير مكتب الأمم المتحدة لعام ٢٠٠٩ أشار لهذه النقطة ولحساب حجم العوائد مقارنة بحجم الإنفاق على الرعاية الصحية والتوعية وأنه من المبكر الزعم بأن حجم العوائد سيكون كافيا أو مكافئا لحجم الإنفاق على الرعاية الأولية وعلى التوعية. إن هذا التقرير الذى يناقش ٢٠١٦ بالدورة الاستثنائية للأمم المتحدة حول المخدرات هو التقرير الكارثة من وجهة نظرى لو تم فرضه وإقراره، فالتوصيات المقترحة كالآتى: - إلغاء كل أشكال التجريم للتعاطى. - التوسع فى سياسات العلاج بالبدائل وتوفر الحقن والسرنجات الآمنة. - أن تنظم الدول سوق المخدرات لضمان توفر مخدرات نظيفة وكذلك للاستفادة من هذه المبالغ الطائلة فى رفاهية الإنسان. وهذا رابط التقرير http://l.facebook.com/l.php?u=http%3A%2F%2Fwww.gcdpsummary2014.com%2Fs%2Fglobal-commission-arabic_J05Mar_compressed.pdf&h=fAQFi900S&enc=AZOfXca3-vzAAURwBhcMtowJj4VNzg3Sa6vEKTMGb4CDV7xQKtnKE_H4Acz2D6uE7jSZzUy6eo0gfC26lKM6oRkFZ8BCxtyYG-9oSq50agx-9qw6oAfnZSOa_AZpKV-DWjrknHG2WVGOtM6MGf3Xn1Gzk29PnwM4FG-hqnLjf4t99Czc_Q4do4rWNXYN2kgTKUynvvmIclmjcckTLqPJT6fM&s=1 الحل الأمثل من وجهة نظرى: - لابد من سياسات عربية ووطنية محددة لمواجهة هذه المقترحات والذهاب بها للأمم المتحدة، لأن كل مجموعة من الدول، مثل دول أمريكا اللاتينية، ستذهب باتجاه تقنين أوراق الكوكا، والتى يصنع منها الكوكايين، وكل دول تتبنى مجموعة من المقترحات التى تناسب ثقافتها واحتياجاتها. - التوسع فى سياسات العلاج وتوفر الخدمة ومراجعة البعد الإنسانى فى النظرة للمدمن. - التوسع فى العلاج الخارجى المكثف وتدريب الفرق العلاجية عليه. - التوسع فى برامج التوعية وعمل برامج متخصصة تلبى جميع الاحتياجات وتراعى جميع المجموعات. - تعاون الجهات المختلفة المعنية بالمشكلة وتوزيع الأدوار والشراكة وعدم التضاد أو هدر الأوقات. - تعزيز البحث العلمى. - متابعة ما يستجد من مخدرات ومحاربة المخدرات المصنعة ومتابعة السلائف الكيميائية. - إنفاذ القانون بحقوق قضايا الاتجار وبمنتهى الحزم.